مَسَاءُ الفُلِّ وَ الكَادِي
أم هو صباحٌ ابتدأ حيث تصافحُ عينيكِ البحر بحثاً عن أفق, عن عناق سماواتٍ و أرض, و عن انتظاري لمثلهِ معك!! طيور نورسٍ تمارس الكَدَحَ الصباحيّ على أمواجٍ متكاسلة, مازال النعاس يعلو زبدها, صباحٌ أم مساءٌ هو ذاك يا صغيرتي.. لا فرق!! فكلاهما بانتظارك, و أنا كذلك!
مضت اشهرُ الصيف بجفافها المعتاد, لم أتعلم بعد معنى أن يكون الأمل سحاباته خادعة, ما زال الشوقُ يفتح شفتاي باتجاه السماء, بانتظار مطرٍ لن يجيء!! و أذرعي مشرعةٌ على اتساعِ الضياء, أشخصُ بناظري كلّ مكان, بحثاً عن شيءٍ منك!! انه شهر الصيف سيدتي .. حيث السراب و مسافةٌ لا تنقص إن قرُبْت, هو نبضٌ يفترش الرمل فحسب !
بواكير فصل الخريف يتنازعها رغبةٌ بشتاء قارص, لا تسأليني عمّ ابحث؟ عله الدفء او الإختباء, عن سباتٍ لهذا الشوق أو تجمد!! تزداد رقع الجوع في السماء, تئنُّ بدمعٍ يجف قبل الوصول، أوَمازلتِ تكرهين الليل؟ يخيفكِ جداً و يبكيك؟ يصليكِ شوقاً و رعباً؟!! في مثل هذا الليل أسرّب إليك العديد من رِفات مكنوني, في مثله أيضاً يسود همس العشاق المتسربين خلف الأبواب المواربة, يبثون حميم شوقٍ للقيا محظورة, أيكون ذاك مصدر لذتها و نارها المضرمة؟!! لا استطيع الجزم, كل نزقٍ يمرّ بنا نرميه بخطيئة المراهقة!! مبكرةً كانت أم متأخرة, بتُّ أشفق عليهم, تلك المراهقة اللذيذة حيث الأحلام البسيطات, و الأمنيات اللواتي تلتحف لون الزهر, هي عمر التمرّد, و روح الحياة, أتساءل إن كان القمع الذي نمارسه ضدهم ناجعاً في تحويلهم إلى مخلوقات آلية التفكير مثلنا, محدودة الخيارات, نمارس عليهم سطوة السلطة بـ تابوو (الدين/القبيلة/العادات) !! نحاصرهم حد الإختناق/الإنفجار الذي ارقبه خوفاً!!
في الليل حبيبتي, لا نديم لكِ سواك, وأفكارك ومخاوف شتى, تعيدين النظر وتمعنين تفكيراً, تحاورين ذاتك في رفقة نادرة, هل كنتِ تهربين من ذاتكِ معي؟! لا شيء يستحق الخجل, فـ الليل مثلكِ خجول, صامتٌ كثيراً ومع ذلك طاغٍ حضوره, فله نصف اليوم, وأنتِ كذلك لك نصف القلب, والنصف الباقي وقفٌ للحب .. للناس جميعاً !!
... يتبع ذات حنين